الرأي نيوز - كتب: عبدالهادي راجي المجالي -... ياما سمعنا من أهلنا عن سلطان باشا الأطرش، زعيم الثورة السورية.. والذي أمضى سنوات من حياته في الكرك، سلطان كان يحب الأرض والسيف.. وكان شاعرا ومقاتلا، وأسطورة تروى وتقرأ في النضال وحب الأوطان..
كل الذين أعرفهم من (بني معروف).. يعشقون سلطان، والشعر لديهم مثل الماء قلما تجد واحدا من أهلنا (الدروز) لا يحفظ شعرا عن سلطان أو الأمير أرسلان.. أو معارك الثورة السورية الكبرى.
مؤخرا كان يسترعي انتباهي على قنواتنا المحلية بعض الأغاني لعمر العبداللات والتي يطلق على كاتبها: أردني.. الكلمات جميلة ومن قلب البداوة، ومن يكتبها يبدو أنه يجيد تطويع المفردة بشكل رهيب... ويبدو أنه شرب من حليب (النوق) وعاش البداوة بكل تفاصيلها... حين بحثت في الأمر اكتشفت أنها لوزير خارجيتنا أيمن الصفدي..
مثلا أغنية (جنودنا هيل النصر) هي من كلمات الصفدي... أغنية (يا رجال شدوا الركايب الردي لحدودي دنا) هي من كلمات الصفدي أيضا.... أنا لا أفهم كيف لوزير خارجيتنا الذي يجيد الإنجليزية بطلاقة... ويتحدث على (السي أن أن) باحتراف وبلغة دبلوماسية محترمة.. ولا يخطئ بكلمة أن يكتب هذا المقطع (ابشري يا ام الذوايب العدو انذيقوا طعنا.. وبالليل مع الهبايب تسمعوا عويله وونه)...
القصة مرتبطة بالتنشئة.. فهو من والد عاش كل عمره ضابطا في القوات المسلحة.. والأهم من ذلك أن الوزير ذاته عاش في معسكرات الزرقاء، وكان هذا المكان هو سكن الضباط وقادة الكتائب.. ناهيك عن أن من يحمل إرث سلطان باشا الأطرش حتما ستبقى البلد في قلبه الوريد والدم والنبض.. سلطان علم العرب معنى الوطن.
أغنية (شدوا الركايب) صارت نشيدا وطنيا مؤخرا في كل محفل يتم بثها... ولكن الغريب أن أيمن الصفدي هو الوحيد في العالم الذي حمل (بطيختين) بيد واحدة... في الصورة يبدو (ليبراليا ودِيجِيتال) وتظن للحظة أنه يفطر (كورن فليكس) لكن في داخله هو (ليبراعي..) وينام على فرشة، ويفطر سمن بلدي بالبيض... من يكتب هذا الشطر: (بالعون اتردوا الطلايب.. حريبكم ما يتهنى) أجزم أن الأردن تعتق في قلبه إلى الحد الذي تشم رائحة التراب من دمه..
تخيلوا وزير خارجيتنا من أهم شعراء النبط، ومن أهم كتاب الأغنية الوطنية.. هذا يعيدنا لزمن حسني فريز والشيخ رشيد.. وعلي عبيد الساعي وفارس عوض.. هذا يعيدنا إلى أن معسكرت الزرقاء وخو.... أهم مداميك الهوية الوطنية، ويخبرنا أيضاً أن الرجال ليسوا بالشكل والوظيفة.. ولكن علينا أن ننظر لقلوبهم قبل النظر لربطات العنق.. والبدلات، والساعات التي يرتدونها..
أغنية (ابشري يا ام الذوايب) ترى لو سألنا، قادة الاقتصاد الخاص.. ورؤساء مجالس إدارات الشركات الناشئة عن معنى الذوايب.. فهل سيعرفون؟... لكن أيمن يعرف وهو الإجابة الواضحة على معنى ومفهوم الهوية التي لا تشطب ولا تصهر ولا تذوب...
لا أحب أن يكتب على الشاشة، كلمات: أردني... أحب أن يكتب كلمات: أيمن الصفدي.. حتى يكون الاسم رسالة لكل المسؤولين في الدولة، عن معنى صياغة الوجدان.. وكيف لرجل يقاتل دفاعا عن فلسطين ويفضح يوميا جرائم إسرائيل.. كيف له أيضا أن يحترف البداوة، ويجد نفسه في الشعر النبطي ويتغنى بالجيش عبر قصيدة أشبه بالعسل المصفى.. هو الوحيد ربما الذي طوع بين الدبلوماسية والشعر النبطي.
اعتذر لك يا رفيق أني فضحت سرا كنت تخبئه في قلبك.. ولكنك الوزير والدبلوماسي والشاعر والأردني النبيل، ومن حق الجيل الحالي أن يعرف أيضاً أن عمان مثلما تعج بالفنادق الفاخرة والمولات الفخمة وفيها البوليفارد والفور سيزون... فيها أيضا وزير على رأس وزارة سيادية... وأصبح معروفاً في العالم، أجمل لحظات حياته حين يستفرد في نفسه ويكتب أغنية وطنية.. تثير الحماسة في قلوب جيل كامل وتستفز فيهم الهوية...
وابشري يا ام الذوايب..